العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الأدبي > احباب الحسين للقصص والحكايات
احباب الحسين للقصص والحكايات يختص بجميع القصص والحكايات الواقعيه والخياليه
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


وداع

احباب الحسين للقصص والحكايات


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-02-2012, 01:47 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

محب الرسول


الملف الشخصي









محب الرسول غير متواجد حالياً


وداع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وداع



وداع

ودعني ومضى .. شعرت أن آمالي قد انهارت في لحظة ، وأن أبواب السعادة أُقفلت في وجهي .. هو أحب إخواني كيف أخسره ، كيف تطيب لي الحياة إن لم يبادرني ببسمته الرقيقة .. كيف سأستيقظ دون أن أتحرش به أقلق راحته " قم أيها الكسول" .

كيف ستمر أيامي ، ولمن سأحكي ما مر بي ، كيف سيمضي اليوم دون المقالب التي كنا نُعِدَّها ، دون أن نرسم على جدران الحي خربشاتنا ، دون أن نشاكس أهلنا ، ونُغضِب إخوتنا بتحالفاتنا المزعجة ..

تسارعت الذكريات بدفقٍ عارِم ، وأخذت ذكرى الأمس تنخر دماغي ، الذي أصابه الشلل ، ولم يعد ُيدرك سوى حقيقة لا لِبسَ فيها ، أن توأم روحي قد رحل .

نعم رحل وبقيت هنا وحدي ، أكتب التاريخ الذي اعتراه الصدأ ، على أرض غيَّر معالمها الصقيع ، وصارت غربان الحزن تنعب في أجواءها ، والذئاب المرعبة تصم الآذان بعوائها ، فيتصاعد شيئاً فشيئاً ، فتصدر مني صرخة كبيرة فتبتلع الأصوات كلها لتظهر صورة التشنج المرير الذي داهم أعصابي .
ومضت الأسابيع ..

أسبوع ، أسبوعان ، وأخي صامت .. وكأن الدهر القاسي سلبه عني ، والطمأنينة لم تعد تلامس فضاءات أيامي ، ولم يعد صوته يصل إلي ليلقي على مسامعي ترانيم المحبة التي اعتاد أن يغمرني بها .

هل تسرب صقيع الغربة إلى قلبك الرقيق فغشاه ببعض القسوة ، أم تراك وقعت في ضيق وتخشى أن تخبرني كي لا يتسلل القلق إلى نفسي فيتمزق قلبي ، أم خفت أن يخف وهج مشاعري نحوك إذا أحسست بالبرود يغطي صوتك ..؟؟

وأخيراً .. رن الهاتف ، أحسست أن أجنحة وردية أخذتني إلى مرابع السعادة ، وكان صوتك بنبرته العذبة يسقط في مسامعي برقة لا يُحِسُّها إلا من سُلبت منه الطمأنينة لأجدك ضارعاً بين يدي ..

طمنيني أختي كيف حالك ؟
بخير أخي مشتاقة لرؤيتك
كيف الدروس ؟
كما هي تبعث الملل
وأنت كيف درسك ؟
ليس بحال أفضل منك ِ
وأخذ يكلمني بمواضيع شتى ، حاولت أن أجمع من كلامه أشلاء أخي التي انتثرت في الأرجاء ، وألملم شتاته فهو الإنسان الوحيد الذي تبوأ مكانة عظمى في نفسي ..
ولكني شعرت أن الأشلاء ذرتها الرياح ، فهو ليس أخي الذي فارقني وهذا ليس صوته الحنون الرقيق الذي اعتدت أن أسمعه ، وكأنه بكلامي كان يؤدي واجباً ليس أكثر ، كان كمن يتحدث إلى جماد وليس لأخته التي كانت تشاطره تفاصيل أيامه ، وأفراحه وأحزانه ..
كنت قد ادخرت له كل الأحداث لأسردها له ، كل ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين ، وانتظرت أن يسألني عن الأخبار ، لكنه لم يسأل ، أحسست أنه يؤدي واجباً ثقيلاً عليه أو فرضاً فرض عليه وهو ملزم بأن لا يحيد عنه قيد أنملة ، فكلماته بالقطارة على قياس أحاسيسه ، التي كان ينتقيها بعناية ، وبدون وعي مني صارت دموعي تجري على وجنتي ، حداداً على الأعز الذي فقدته وهو حي يرزق .. وصرت أدندن بكلمات الرثاء ، لأيام وذكريات لن تعود ..
هل تريد شيئاً سأغلق الهاتف ؟
أريد أن أكلم والدتي .
سأناديها ..
مع السلامة ..

ناولت السماعة لأمي ، وأنا أحاول أن أجمع شتات نفسي ، وروحي المشظاة التي نسفتها عبوات الألم .. ألم لمستقبل كنت أتوق إليه لكني لن أعيشه . وأمس ذهب بذكرياته دون عودة ..

حملت كوب الشاي وجلست على شرفة غرفتي ، وأطبق الصمت حولي ، كأنه صمت القبور الدارسة ، صرت أحدث نفسي ، فقد فقدت توأمي الذي كنت أناجيه وأشكو إليه .. بقيت لي نفسي وحدها ..

أحسست بحاجة لسماع صهيل حصان جامح ، أخذ يحمحم في قلبي الخاوي ، فيعود الصدى مدوياً فيهدم أفكاري التعيسة و مشاعري الجياشة ، التي لم تعد موجودة إلا في خيالاتي وأحلامي .. أحلامي أنا فقط ..

تِقتُ لصدمة تعيد إلي ذاكرة الواقع ، وتهدم برج الحلم العاجي الذي كنت أنظر لما حولي من خلاله ..

الآن ..

جمعت الذكريات والمشاعر ورحت أؤدي الصلاة على أحلام فجرتها عبوة موقوتة . وبسكون حفرت قبراً للأمس السارب ودفنته ببرودة جليدية ، وأهلت عليه أغبرة النسيان , وغطيته بوشاحي الأسود ، ورمقته بنظرة عاتبة ، ومضيت نحو المجهول ..

أفقت على صوت أبي : تعالي اجلسي معنا يا ابنتي .. فاستجبت له ..

شهر مرَّ ، والأمس على حاله والغد سيكون كما هو .
لقد أحسنت صنعاً بدفن الذكريات . لأن أجزاءها كانت بحاجة إلى عملية صيانة جديدة ، قد تستنزفني ويكلفني جمعها من الألم والمكابدة أكثر مما كابدته من مشقة حتى الآن .

وها هي الأيام تتسارع ، لم أعد أميزها عن غيرها إلا بالأسماء ، فأمس كان ثلاثاء واليوم أربعاء وهكذا دواليك ، وأنا أراها تنزلق أمامي في جيب الزمن ليواريها ..

وفقدت الإهتمام حين أسمع رنين الهاتف ، فهو فقد ألقه .. وهالة القداسة التي كانت تحيط به من قبل .. اختفى وهجه المزيف الذي كان يحملني إلى فضاءات القمر ولم يعد قلبي يرقص لرنينه .

حتى سطح القمر صار بالنسبة لي أرض لا حياة فيها ..وفوهة بركان خامد ..


رن جرس الهاتف ، وكأن أطرافي أصابها الشلل ، لم أتحرك من مقعدي ، وبقيت سارحة في الفراغ ، لما وراء خط الأفق ، أخط حروف الأمس ، أكتبها على أوردتي ، فيتبخر المصل المشبع حباً ويبقى الألم مترسباً يجوس في أجزاء جسدي المتعب .
لم أتحرك من مكاني .
وجاء صوت والدتي مدوياً : لكنني أحسسته آتٍ من برزخ القبور ..
" ربما يكون أخوكِ ، ألا تريدين الرد ؟"
" سلموا عليه "
وعدت أرتفع مع دوائر الدخان ، لذكريات مضت ، علها تحملني للماضي القريب ، إلى سدرة المنتهى ..


من مواضيع محب الرسول » قصيدة توديع الخيام باسم الكربلائي 2023 حصريا
» قصيدة سفره الى الله للرادود حيدر البياتي 2022
» هوسات مكتوبة للامام العباس عليه السلام
» قصيدة مو فرات الرادود باسم الكربلائي محرم 2021
» حصريا لحظات تسجيل اصدار محرم 2021 باسم الكربلائي
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
وداع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وداع المشعرين سيد مهدي احباب الحسين للشعر الحسيني 3 14-09-2010 03:19 PM
وداع خديجه ابو ياسر الكعبي احباب الحسين للشعر الحسيني 3 22-08-2010 09:03 AM
وداع الاحبه اريج الجنه احباب الحسين للشعر والخواطر 0 18-07-2010 06:29 PM
لحظة وداع محـب الحسين احباب الحسين العام 5 10-05-2010 09:25 PM
وداع مكة " عاشق الامام الحسين احباب الحسين للشعر الحسيني 1 01-04-2009 02:00 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين