العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام
المنتدى الاسلامي العام يختص بكل مواضيع الثقافة الإسلامية على مذهب أهل البيت (عليهم السلام)


مفهوم التزكية وخصائصها عند الإنسان

المنتدى الاسلامي العام


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-04-2021, 07:56 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

سيد فاضل

الصورة الرمزية سيد فاضل


الملف الشخصي









سيد فاضل غير متواجد حالياً


افتراضي مفهوم التزكية وخصائصها عند الإنسان

مفهوم التزكية وخصائصها عند الإنسان؛ بقلم الشيخ محمد تقي المصباح اليزدي

شفقنا العراق-التزكية هي مفردة عربية، وقد استخدمها القرآن في مقابل «التدسية» حيث يقول: «قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها».

الموضع الحقيقي لاستخدام هذه الكلمة هو في تربية الشجرة، فعندما يعتني البستاني بالشجرة فيقوم بتقليمها وتوفير الماء والتراب والضوء الملائم لها كي تنمو وتثمر، ثمة بعد ايجابي وبعد سلبي في عمل البستاني هذا، فمن اجل نمو الشجرة من الضروري سقيها وتسميدها وتوفير الضوء والحرارة لها بما فيه الكفاية من ناحية، ومن الضروري ايضا قص الاغصان الزائدة وتقليمها من ناحية أخرى، وبالاضافة الى الاعمال الايجابية والسلبية فان لازالة الزوائد وتنظيف التلوثات تأثيرا في اطراد طراوة الشجرة ونموها على أحسن وجه.

وللتزكية فيما يخص الانسان يلاحظ هذان البعدان ايضا، فمن الواجب احداث أمور في النفس وكذلك يتعين ان نزيل عنها ونطهرها من اشياء اخرى ايضا، وهذا هو وجه التشابه بين تزكية الشجرة وتزكية الانسان، ولكن ثمة فوارق بينهما ايضا.

خصائص التزكية فيما يخص الانسان

١- الإرادة والاختيار: من الفوارق الجوهرية بين تزكية الشجرة وتزكية الانسان هي الارادة والاختيار، فالشجرة التي يشرف البستاني على تربيتها لا تمتلك ارادتها، فالبستاني هو الذي يحتضنها طبقا لارادته ورغبته، فهو يسقيها ويمدها بالسماد ويقلم اغصانها واوراقها الزائدة، وطوال هذه المراحل لا تبدي الشجرة نشاطا ولا تمتلك خيارا في رفض أو تقبل حضانة البستاني و تربيته وهي مستسلمة تماما للظروف والبيئة التي اعدها لها البستاني أو الآخرون.

غير أن تزكية الانسان ليست كذلك، بل هي تحصل بارادة واختيار منه، فليس هنالك له القدرة على سوق الانسان بالقسر والاجبار نحو التكامل والمحاسن وادخاله الجنة دون ارادة منه.

ورغم قولنا إن تزكية الانسان تأتي بارادة منه، ولكن ينبغي أن لا نتصور اننا قادرون على القيام بهذا الأمر مستقلين عن تأثير وارادة الله سبحانه وتعالى، فما يقوم به النبي الاكرم والائمة الطاهر عليهم السلام وسائر مربي المجتمع انما هو امتداد لارادة الله: «وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين».

على اية حال من الفوارق الأساسية بين تزكية الانسان وتزكية الشجرة هو امتلاك وعدم امتلاك الإرادة، فالشجرة لا تمتلك ارادتها ولا قدرة لها على ابداء مقاومة أو أن يكون لها خيار ازاء عمل البستاني الذي يعمل على تزكيتها، لكن تزكية الانسان أمر ارادي واختياري فليس لأحد تأثير قسري واجباري على الانسان حتى يسوق الانسان بهذا الاتجاه أو ذاك شاء الانسان أم أبى، وعلى افتراض أن يكون لأحد تأثير قسري على غيره فهذا التأثير ليس مما يؤدي الى رقي الانسان وتكامله، بل ان تکامل الانسان في انتخابه للطريق الصحيح بارادته واختياره ومن ثم سلوك طريق الخير والصلاح.

من هنا على الذي يتصدى لتزكية الناس ان يمهد الأرضية لأن يعملوا بارادتهم واختيارهم باتجاه نیل الكمالات الانسانية، فالارادة فعل الانسان نفسه وليس من أحد بقادر على أن يخلقها في الانسان، لكن المربي بمقدوره توفير المقدمات التي تلفت اهتمام المتربي نحو المحاسن والكمالات فيندفع لطلبها.

إن أصل الجنوح نحو الخير والنزعة نحو الكمال موج موجود في كيان جميع الناس، وان الانسان يميل فطريا نحو الصلاح والكمال، وعمل المربي هو ان يوقظ هذه الفطرة وينميها ويعمل على رقيها، ولو لم يكن هذا الجنوح والنزعة الفطرية كامنة في وجود الانسان لما تمكن أحد من تزكيته لان التزكية امر ارادي وما لم يرغب الانسان في شيء فهو لن يريده أبدا.

بناء على هذا إن معنى تزكية الانسان هو ان ينبري أناس ليمهدوا الأرضية أمام الآخرين لان يسيروا بارادتهم نحو المحاسن والكمال، على العكس من تزكية الشجرة التي تعد أمرا قهريا وتحصل دون تدخل من الشجرة نفسها.

۲- تزكية الانسان نفسه: الفارق المهم الآخر بين تزكية الانسان وتزكية الشجرة هو أن الانسان وعلى العكس من الشجرة بامكانه أن يزكي نفسه. فالشجرة عاجزة عن وفير مقومات رقيها ونموها وتكاملها، لكن مثل هذه الامكانية متوفرة بالنسبة للانسان؛ ولتزكية الشجرة لا سبيل سوى ان تتوجه الأنظار نحو البستاني، أما الانسان فبامكانه خلال الاستعانة بهمته طي مراتب يعتد بها من التزكية بنفسه ودون معونة المربي، ومثلهما بمقدور الانسان ان يكون معلم نفسه بامكانه ايضا ان يربي نفسه ويزكيها، ومن الطبيعي أن تأثير وعون المعلم والمربي في أمر التعليم والتربية حقيقة مسلم بها ولا يمكن انکارها، غير أن الحديث يدور حول ان الانسان لا ينبغي له أن ينتظر المعلم والمربي على الدوام في كل مرحلة وفي كل مجال، فامكانية تعليم

النفس وتربية النفس ماثلة للانسان في الكثير من الموارد والمراحل. ففي نفس الوقت الذي يؤكد على اتباع المعلم والمربي ولكن من غير الممكن أن نلقي بتبعة عدم نوال الكثير من مراحل و مراتب التزكية والتكامل على عدم توفر الاستاذ والمربي، واذا ما سمعنا بالنهي عن سلوك الطريقة والسير والسلوك فلنعلم أن هذا يتعلق بالمراتب العليا من بناء النفس وتزكيتها، ومن المسلم به أن الكثير من مراحل ومراتب السير والسلوك وتزكية النفس يسيرة المنال دون استاذ ومربي.

ولا ينبغي اعتبار النواقص ونقاط الضعف في هذه المراحل والمراتب ناجمة عن فقدان الاستاذ والمربي فهذا ضرب من الإسقاط وعذر لا مبرر له، فاذا ما جاء الخطاب: «وقفموهم إنهم مسؤولون» تتعذر الاجابة بانني لم اتمكن من تزكية نفسي لافتقاري للاستاذ والمربي، وهل يتسنى التشبث بعدم وجود الاستاذ عذراً لعدم تزكية النفس في يوم يقول عنه القرآن الكريم: «ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم»؟ أوَلا يجري السؤال عن الاعمال الممكن اداؤها دون استاذ في الكثير من الموارد؟

من المتيقن عدم امكانية انکار حاجة الانسان الماسة للاستاذ والمرشد في بعض المراحل العليا من السير والسلوك المعنوي، فالذي يضع خطاه في طريق السير والسلوك ربما يخدعه الشيطان إن لم يرتبط باستاذ واعي وبصير، بيد أن مستوى هذه المراحل أعلى بكثير من المراحل البدائية للتزكية. فعلى سبيل المثال، أن مثل هذه الاخطار تتعلق بالمراحل التي تحصل فيها بعض حالات الكشف والشهود للانسان، فلربما يختلط على الانسان في هذه المراحل أمر تمييز المكاشفات الربانية والالهية عن المكاشفات النفسية والشيطانية نتيجة لندخل الشيطان. هنا يفترض أن يهب الأستاذ لاسعاف السالك وانتشاله، أما انا وامثالي فما زلنا نقف عند منعطف زقاق صغير وامامنا مراحل من الممكن قطعها دون استعانة باستاذ، واذا ما كان هنالك استاذ في

هذه المراحل فهو الافضل البتة، ولكن على أية حال لن يكون عدم وجود الأستاذ عذرا مبررا لعدم تسلق المراتب الأولى من التزكية، اذ بامكان آيات القرآن واحادیث اهل البيت وعلومهم وكتب العلماء وأعلام الأخلاق والسير والسلوك أن تسد فراغ الاستاذ و تكفي السالك في هذه المراحل.

ـــــــــــــــــــــــــ

* اقتباس من كتاب (السير الى الله)، 23-28 بتلخيص وتصرف غير مخل.


التوقيع :
من مواضيع سيد فاضل » ان الميت ليفرح
» المرتد سلمان رشدي يتعرض للطعن في نيويورك
» عزاء ركضة طويريج.. كيف نشأ ولماذا منع؟!
» مسجد الحنانة.. موضع رأس الإمام الحسين عليه السلام
» مختارات من رثاء لقتيل كربلاء الامام الحسين (عليه السلام) 2
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مفهوم, وخصائصها, الإنسان, التزكية

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العلماء هم الذين يتولون أمر التزكية والتعليم بعد الأنبياء سيد فاضل المنتدى الاسلامي العام 4 02-04-2021 12:40 AM
التزكية والشكر سيد فاضل قسم القرآن الكريم 6 12-04-2020 07:37 PM
مفهوم الرب العلوية ام موسى الاعرجي المنتدى الاسلامي العام 1 22-06-2017 03:57 AM
ميزان التزكية على لسان رسول الله صلى الله عليه واله العلوية ام موسى الاعرجي منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) 1 20-07-2015 10:17 PM
مقومات التزكية عند الامام الباقرعليه السلام دمعة الكرار منتدى أهل البيت (عليهم السلام) 6 06-02-2012 06:40 PM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين