العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام > قسم القرآن الكريم
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


ما الغرض من الاستفهام في قوله (عزَّ وجل) ﴿أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ﴾

قسم القرآن الكريم


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-09-2021, 01:50 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

صدى المهدي

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية صدى المهدي


الملف الشخصي









صدى المهدي غير متواجد حالياً


افتراضي ما الغرض من الاستفهام في قوله (عزَّ وجل) ﴿أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ﴾










قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء * فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء﴾[1].
كيف يطلبُ نبيُّ الله زكريا(عليه السلام) من ربّه الذّريَّة, وحين يستجيبُ اللهُ (عزَّ وجل) لدعائه, يسألُه كيف وأنَّى ؟ ثم يأخذُ في شرح أحواله وأحوال زوجته المانعة من الإنجاب؟ فإذا كان يعلمُ أنَّه بهذه الحال وانَّ الإنجاب متعذِّرٌ في حقِّه فلماذا يسأل الله تعالى؟
الاستفهامُ الذي صدَر عن نبيِّ الله زكريَّا (عليه السلام) لم يكن للتّعبير عن الاستبعاد لقدرة الله على استجابة الدَّعوة التي دعا بها ربَّه وإنَّما هو لغرض التَّعبير عن الاستعظام لقدرة الله تعالى بقرنية أنَّ زكريَّا ذكر ما عليه من حالٍ في صلب دعائه في سورة مريم: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا، وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا﴾[2].
فرغم أنَّه كان يُدرك من نفسه أنَّه شَيخٌ كبيرٌ وأنَّ زوجته عقيم إلا أنَّه مع ذلك دعا ربَّه أنْ يَرزُقَهُ ولدًا، فلو أنَّه لم يكن موقنًا بقدرة الله (عزَّ وجل) على استجابة دعائه لكان تصدِّيه للدّعاء عبثيًّا. وذلك يُمثِّل قرينةً واضحةً على أنَّ الاستفهام الذي صَدَرَ عنه بعد استجابة دعائِهِ لم يكن استبعادًا وإنَّما كان للتّعبير عن الاستعظام لقُدرة الله تعالى، فمساق الاستفهام الوارد في الآية الشَّريفة هو مساقُ قولنا لمن ظَلمناه وهو مقتدرٌ على ردَّ ظُلامته إلا أنَّه عفا: "كيف عفوتَ عنَّي وقد أسأتُ إليك؟"، فهذا الاستفهام إنَّما هو لغرض التَّعبير عن الإعجاب وليس لغرض استبعاد صدور العفو منه، فلأنَّ مقتضى الطَّبيعة هو انتقام المظلوم ممَّن ظلمه إذا تمكَّن من ذلك، فإذا عفا المظلوم عمَّن ظلَمه كان ذلك مُوجبًا للاستغراب والإعجاب.
وكذلك الحال في المقام فلأنَّ طبيعة الأمر أنَّ الشَّيخ الكبير والمرأة العقيم لا يُمكن عادةً أن يُنجبا ذُرِّيَّةً، فإذا وقع ذلك منهما استغربا وأصبح الاستعظامُ لقدرة الله تعالى حاضرًا في نفسيهما بعد أنْ كان مركوزًا، وذلك ما يدعوهما للتَّعبير عن الاستعظام المشوب بالاستغراب رُغم أنَّهما كانا يُدركان القُدرة الإلهيَّة على ذلك إلا أنَّ طبيعة النفس الإنسانيَّة هي الانسياق مع هذا الشُّعور والتَّعبير عنه بمجرَّد حصول الأمر الغريب.
فثمَّة شعورٌ بالالتذاذ والأُنس والاستعظام تمتزج جميعًا في النَّفس فتنساقُ النَّفس للتّعبير عنه بالاستفهام الذي يستبطنُ التَّعظيم والامتنان، فشأنُ المقام شأنُ من أُعطي جائزةً عظيمةً لا يُعطى مثلها عادةً لمثله فهو يُعبِّر عن ابتهاجه واستكثاره لهذه المِنحة بالاستفهام وأنَّه كيف مُنح هذه الجائزة والحال أنَّها لا تُمنح لمثلِه، فالعرفُ يفهمُ من هذا الاستفهام انَّه نحوٌ الشُّكْرَ للمانح والامتنان والاستعظام لسخائه. هذا وقد ذُكِرَ احتمالانِ آخران لمعنى الاستفهام في الآية الواردة على لسانه (عليه السلام).
الاحتمال الأول: أنَّ الله (عزَّ وجل) لمَّا أخبره باستجابته لدعائه وأنَّه سيرزُقُه بولدٍ اسمه يحيى سأل ربَّه عن كيفيَّة ذلك ؟ وهل سيكون الولد الذي سيمنحه إيّاه فهل سيكون ذلك من زوجته العقيم أم من زوجة أخرى ؟ فجاءه الجواب ﴿كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء﴾[3]، فعلِمَ أنَّ الولد الذي سيمنحه إيَّاه سيكون من زوجته العقيم.
والاحتمال الثاني: أنَّ اللهَ تعالى لما أخبره باستجابة دعائه وأنَّه سيهبُه ولدًا اسمُه يحيى سأل ربَّه عن كيفيَّة ذلك وهل سيمنحه الولد بعد أن يُرجعه وزوجته شابَّين ويرفع العُقم عن زوجتِهِ أو سيمنحه إيَّاه وهو على هذه الحال؟ فجاء الجواب: ﴿كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء﴾، فعلِم أنَّ الله (عزَّ وجل) سيمنحُه يحيى (عليه السلام) وهو على شَيخُوختِه ومن زوجتِه التي كانت عقيمًا.
الباحث الاسلامي الشيخ محمد صنقور

[1] آل عمران/38-40.
[2] مريم/4- 5.
[3] آل عمران/ 40.


من مواضيع صدى المهدي » الإستفتاءات … أسئلة بشأن البيع والشراء
» أنَّ الدين هو وسيلة اخترعها الأقوياء والأثرياء لتخدير الفقراء
» تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)
» زيارة حمزة بن عبد المطلب (ره) في أحد
» حمزة بن عبد المطلب .. وفاء وفداء
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
﴿أَنَّىَ, (عزَّ, وجل), الاستفهام, الغرض, يَكُونُ, غُلاَمٌ﴾, قوله

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاستفهام في قوله تعالى ﴿أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ﴾ الغرض والمفهوم سيد فاضل قسم القرآن الكريم 2 11-05-2020 08:27 PM
معنى قوله: ﴿تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ سيد فاضل قسم القرآن الكريم 4 26-09-2019 11:13 PM
كيف يقول زكريَّا: ﴿أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ﴾ سيد فاضل قسم القرآن الكريم 4 05-09-2019 10:48 PM
معنى قوله تعالى: ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ﴾ سيد فاضل قسم القرآن الكريم 2 02-09-2019 02:47 PM
قوله في آية المباهلة ﴿نسائنا﴾ دون بناتنا سيد فاضل قسم القرآن الكريم 2 15-08-2019 02:59 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين