مناسبات_الكوثر: يصادف يوم الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة ذكرى تصدُّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه أثناء صلاته, ونظراً لأهمية هذه الذكرى وما انطوت عليه من مفاهيم ومضامين لها أبعادها ودلالاتها العميقة أنزل الله تعالى فيها آية الولاية.
فقال عزّ وجلّ: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (سورة المائدة، الآية: 56)
وهذه الآية الكريمة فيها عدة دلائل منها الولاية فالله سبحانه وتعالى قال: "إنما وليكم الله ورسوله ثم قال والذين آمنوا" ولكي لا يكون لفظ عام يشتبه على قارئه شمول كل مؤمن قيدت الآية بعدة تقييدات وهي الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وفي هذه التقييدات دلالة واضحة على ان المراد من هذه الآية هي شخصية معينة وليس عموم المؤمنين ولكي نعرف هذه الشخصية لابد أن نرجع للتفاسير والأحاديث لكي نعرف من المراد في هذه الآية ومن هي الشخصية التي تصدقت بالخاتم في هذه الآية الكريمة.
قصّة التصدّق
قال الإمام الباقر(عليه السلام): «إنّ رهطاً من اليهود أسلموا، منهم: عبد الله بن سلام، وأسد، وثعلبة، وابن يامين، وابن صوريا، فأتوا النبي(صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا نبيّ الله، إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيُّك يا رسول الله؟ ومن وليّنا بعدك؟
ثمّ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): “قوموا”، فقاموا فأتوا المسجد، فإذا سائلٌ خارج، فقال: “يا سائل، أما أعطاكَ أحد شيئاً”؟ قال: نعم، هذا الخاتم.
قال(صلى الله عليه وآله): “مَن أعطَاك”؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلِّي، قال: “على أيِّ حالٍ أعطاك”؟ قال: كان راكعاً، فكبّر النبيُّ(صلى الله عليه وآله)، وكبّر أهل المسجد.
فقال(صلى الله عليه وآله): “عليٌّ وليُّكم بعدي”، قالوا: رضينا بالله ربّاً، وبمحمّدٍ نبيّاً، وبعليٍّ بن أبي طالب وليّاً، فأنزل الله عزّ وجلّ: )وَمَن يَتَوَلّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ فَإِنّ حِزْبَ الله هُمُ الْغَالِبُونَ((۲)»(۳).
اتّفاق المسلمين على التصدّق
اتّفقت روايات العلماء على أنّ الإمام علي (عليه السلام) قد تصدّق بخاتمه وهو راكع، وليس بين الأُمّة الإسلامية خلاف في ذلك، فشكَر الله ذلك له وأنزل الآية فيه، فيلزم الأُمّة الإقرار بها؛ وذلك لموافقة هذه الأخبار لكتاب الله، وحينئذٍ كان الاقتداء بها فرضاً، لا يتعدّاه إلّا أهل العناد والفساد.