منتدى الامام الحجه (عجّل الله فرجه الشريف)اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً
مقدّمة:
من أهمّ الأرصدة المعنوية الماضية التي يمتلكها أتباع مذهب آل البيت (عليهم السلام) هو وجود إمام ثائر عندهم، كانت وما زالت ثورته نبراس الثورات، وتضحيته أُمُّ التضحيات، وحرارة مقتله من أشدّ المهيِّجات، فتولَّد لديهم ببركة ثورته ما لم يتولَّد عند غيرهم، وهو عنصـر الإصلاح لا لمصلحة دنيوية ولو كلَّف ذلك الحياة، وإنَّ الذلَّة لا وجود لها في صفحة الحياة...، إيماناً منهم بتضحياته وبكلماته...، والتي منها:
«ما خرجت أشراً ولا بطراً وإنَّما لطلب الإصلاح...»(١).
«... هيهاتَ منّا الذلَّة...»(٢).
«... لا أُعطي بيدي إعطاء الذليل ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد...»(٣).
«...مثلي لا يبايع لمثله...»(٤).
ومن الأرصدة المعنوية المستقبلية التي يمتلكها أتباع مذهب آل البيت (عليهم السلام) الإيمان بالإمام الغائب المنقذ الذي يملؤها قسطاً وعدلاً بعد ما مُلِئَت ظلماً وجوراً، وأنَّه إمامهم الثاني عشـر. وهذا الإيمان هو ممَّا يُحفِّزهم على العمل الجادِّ في التمهيد لظهوره، والاستعداد للانخراط تحت قيادته، والانتظار لفرجه.
فإنَّ الانتظار للإمام المنقذ (عليه السلام) من أهم المحفِّزات على العمل الديني والاجتماعي والإعداد لذلك من أهمّ الطاعات.
فبين تراث الماضي وأمل المستقبل تكوّن الحاضر الإيماني والتعبوي لدى أتباع الحقِّ، وتولَّدت حالة معنوية عالية تمخَّض منها عدَّة فعّاليات وعبادات وتحرّكات.
منها: الروح الجهادية والقتالية التي يمتلكها الأتباع دون غيرهم، ونموذج الحشد الشعبي شاهد على ذلك، وهذا يحتاج إلى إفراد أبحاث مستقلَّة للوقوف على هذه الظاهرة.
ومنها: عدم الانصياع للحكومات الظالمة، وعدم الارتباط بها من كلِّ النواحي.
ومنها: الاستقلالية في إدارة المذهب فكرياً واقتصادياً، وعدم الارتباط بأيِّ أجندة.
وغيرها العشرات.
ومن هذه الفعّاليات العبادية المهمَّة فعّالية الزيارة الأربعينية المقدَّسة، فهذه الفعَّالية تميَّزت بربط الماضي الحسيني بالمستقبل المهدوي لتوليد حاضر يفرض علينا واقعاً يجعلنا نُنظِّم أنفسنا من كلِّ النواحي استعداداً وتمهيداً لدولة الحقِّ.
فالذي يطَّلع على وقائع زيارة الأربعين وما يراه من تجمهر عشـرات الملايين زماناً ومكاناً وبلغات وقوميات وتوجّهات شتّى - يجمعهم رجل واحد اسمه الحسين (عليه السلام)، وينادون بنداء واحد هو: (اللَّهُمَّ عجِّل لوليِّك الفرج، وسهِّل له المخرج) - يرى بوضوح أنَّ تلك الزيارة من أهمّ ممهِّدات الظهور.
وفي هذا البحث المختصـر نقف على أهمّ تلك المعطيات التي لها دور في الظهور، وسنغضُّ النظر عن ما للزيارة من أهمّية واضحة ومعطيات جمَّة في شتّى المجالات، لأنَّ هدفنا هو التركيز على هذه المفردة العظيمة، وهو دور الأربعين في التمهيد للظهور وصناعة الشخصية المهدوية.
فالتمهيد وانتظار الفرج أهمّ المفردات التي تُشغِل ذهن البشـرية المؤمنة، فالعمل عليه ومعرفة ما يقرب الظهور ويرفع الموانع من أهمّ العبادات في الغيبة كما ورد في الروايات: «أفضل الأعمال انتظار الفرج»، ففي (الإمامة والتبصـرة من الحيرة): «إنَّ النَّبِيَّ قَالَ: أَفْضَلُ أَعْمَالِ أُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَجِ، وَلَا يَزَالُ شِيعَتُنَا فِي حُزْنٍ حَتَّى يَظْهَرَ وَلَدِيَ الَّذِي بَشَّـرَ بِهِ النَّبِيُّ أَنَّهُ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَقِسْطاً، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(٥).
ولكن ليس كلُّ انتظار هو ممدوح، وإنَّما الانتظار مع الإيمان والعمل الجادِّ في التمهيد للإمام (عليه السلام)، والعمل طبقاً لمراد الشـريعة، لا الانتظار مع الخمول واليأس وارتكاب المحرَّمات والتسليم للظلم والظالمين.
وهناك جملة من الأعمال تُمهِّد للظهور وترفع بعض موانعه وهي تقع على عاتق المؤمنين، منها: إكمال عدَّة (٣١٣)(٦) الذين يُشكِّلون النواة القيادية الأُولى حول الإمام (عليه السلام)، ومنها: الدعاء له بالفرج، وغيرها، ففي الرواية: «فَإِذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ أَظْهَرَ أَمْرَهُ»(٧)، فظاهر الرواية أنَّ اجتماع العدَّة (٣١٣) شرط لإظهار أمره.
ومن جملة الممهِّدات والمربّيات لمجتمع الظهور هي زيارة الأربعين لما لها من أبعاد مختلفة وعديدة، نحاول التركيز عليها وبيانها وتطويرها والدفع بالمؤمنين نحو جعلها من الطرق العبادية التي يُتمسَّك بها لبناء شخصية الظهور.
ونطرح دور الأربعين في البناء للظهور في محاور هذا مجملها:
الأوَّل: البناء المعنوي والروحي.
الثاني: البناء الاقتصادي.
الثالث: البناء التعبوي.
الرابع: البناء الاجتماعي.
الخامس: البناء الفكري والعلمي.
السادس: البناء الأمني.
السابع: البناء الأخلاقي.
الثامن: المحور العسكري.
التاسع: المحور الإعلامي.
العاشر: المحور التمريني والتدريبي.
الحادي عشر: المحور التكافلي.
الثاني عشر: البناء السياسي.
المحور الثاني: البناء الاقتصادي: إنَّ القوَّة الاقتصادية وتأمين الوضع المالي من أهمّ مقوّمات نجاح الأُمم والحركات بعد الموارد البشـرية، وكذلك معرفة كيفية إدارة المال وعدم الإسراف به والتبذير وحسن الاقتصاد بالصـرف يُشكِّل قوامة اقتصادية أُخرى. فالمال والاقتصاد له أهمّية في البناء الاجتماعي والفردي، ودوره مهمٌّ في خلق حياة سعيدة وأُسرة صالحة وحياة آمنة - كونه أحد مقوّماتها -، ولا يعني ذلك أنَّه علَّة تامَّة لتلك الأُمور، بل قد يكون وبالاً على الإنسان إذا لم يُحسِن التصرّف، فهو سلاح ذو حدّين. والقرآن في اللحظة التي يُبيِّن أنَّ المال زينة ï´؟الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْياï´¾ (الكهف: ظ¤ظ¦)، يُبيِّن أنَّ المال فتنة ï´؟إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌï´¾ (التغابن: ظ،ظ¥)، فهو زينة ومفاد إيجابي إذا صانه ووضعه في موضعه واتَّخذه وسيلةً للآخرة وكفى به نفسه وعياله ومجتمعه وأُمَّته الإسلاميَّة وقضـى حوائجهم، وهو فتنة وعذاب إذا ما ضيَّعه وبذَّره وجعله وسيلةً للدنيا والشهوة والحرام وانتهاك الأعراض وقتل النفوس. وكذلك الروايات بيَّنت هذه الحقيقة ومدحت المال مع الدين وذمَّت المال إذا كان وسيلةً للعصيان، ووازنت بين النظرتين(ظ،ظ¤). ومن الممارسات الإيجابية للمال والاقتصاد هو ما تقوم به الجموع المؤمنة من ممارسات عبادية في الأربعين، وتوظيف القوَّة المالية في إحياء هذه المناسبة - من خلال الصـرف المالي على المواكب وإطعام الطعام الذي تمارسه المواكب لملايين الزائرين -، وهذا ما يُمثِّل قوَّة اقتصادية كامنة في الأُمَّة الحسينية التي هي أُمَّة الإمام المهدي (عليه السلام) وناصرته، فلا ميزانية مالية ولا دعم دولة ولا حزب وإنَّما هي تمويل من شعب الحسين لزوّار الحسين (عليه السلام)، وهذا التمويل الهائل ما هو إلَّا ممارسة وتدريب اقتصادي على الصـرف المالي المنضبط الذي يمارسه الممهِّدون للظهور، وثقافة متقنة على الصرف والبذل في سبيل الدين وإنجاح الثورة المهدوية. وهذه الممارسة والاستعداد للصـرف، بل والصـرف الفعلي لم يكن لولا هذه الزيارة المباركة، فإذا كان عصـر الظهور فلا يجد المؤمن حرجاً في الصـرف المالي بعد أن مارس الصـرف لعشـرات السنين على جمهور الحسين (عليه السلام). خصوصاً وأنَّ بعض المؤمنين يقاسم زوّار الحسين (عليه السلام) قوت عياله ومؤنته السنوية، لكي يُنفِقها في موسم الزيارة، بل بعضهم - كما سمعت ورأيت بأُمِّ عيني - يبيع بيته أو سيّارته ويشتري ما هو أقلّ منهما إذا لم يكفِ ما جمعه للموسم. فهكذا عمل يصدر من هكذا شعب حسيني يُؤهِّلهم لتكوين مجتمع مهدوي يقود الأُمَّة إلى برِّ الأمان، ويبني اقتصاداً رصيناً يكفُّ حاجة الأُمَّة. المحور الثالث: البناء التعبوي: من المفاهيم المهمَّة في عالم الدعوة وتجميع الجماهير والأنصار هو مفهوم التعبئة، وهي قوَّة شعبية كامنة أو ظاهرة لها حضورها في كلِّ نواحي الحياة لخدمة قضيَّة ما تهمُّ الوطن أو المواطن، وهي على أنواع، فقد تكون تعبئة عسكرية أو إعلامية أو اجتماعية أو غيرها. ومن أهمّ أنواعها هو التعبئة الاجتماعية، وهي تحريك واستنفار المجتمع بكلِّ قطاعاته للمشاركة الإيجابية لتحقيق الأهداف المطلوبة. ولا بدَّ أن تشمل التعبئة الاجتماعية جميع قطاعات المجتمع من المسؤولين الرسميين والسياسيين، قادة الرأي، القادة المحلّيين وجموع المواطنين (نساء، رجال، بل الأطفال من مدارسهم). وهذا ما يحصل فعلاً في زيارة الأربعين، فإنَّ هناك تعبئة جماهيرية عامَّة لتحقيق هدف ديني هامّ في حياة الفرد والمجتمع. فمن أهمّ ما تحتاجه كلُّ دعوة سماوية كانت أم أرضية هو وجود قوَّة معنوية أو مادّية أو شخصية قيادية تمتلك (كاريزما) عالية تستطيع أن تخلق جمهوراً وأتباعاً من خلال التعبئة الجماهيرية الواسعة التي تُقدِّم الولاء والخدمة مجّاناً وبلا مقابل. والذي يلاحظ زيارة الأربعين لا يجد أيّ مجهود في التعبئة الجماهيرية، بل الجمهور مقبل على الزيارة وعلى الخدمات بلا نظير، بل كثير من الجماهير يُنفِق أموالاً وجهداً مضاعفاً في تلك الأيّام ويبتهج بذلك الصرف وبهذا الجهد. وهذا العمل التطوّعي العظيم لا تجد له نظيراً في كلِّ العالم، وهو مفخرة يتميَّز بها أتباع آل البيت (عليهم السلام)، وهو من ثمرات الثورة الحسينية الخالدة. وهذه التعبئة الجماهيرية في الزيارة إنَّما هي صورة من صور التعبئة للإمام المهدي (عليه السلام) حال قيامه بالثورة العالمية المباركة. فالجمهور الحسيني معبَّأ للحركة المهدوية ومستعدّ لها على أحسن ما يكون، فلا نحتاج أن نعدَّ برامجاً تعبوية كثيرة لأجل الحركة المهدوية - من هذه الجهة - لأنَّها معدَّة إعداداً واضحاً وبخبرة تمتدُّ مئات السنين، نعم نحتاج إلى برامج مهدوية أُخرى من جهات أُخرى. فدور زيارة الأربعين في تعبئة المؤمنين تعبئة مهدوية واضحة وفعّالة من خلال الحرارة التي تكوَّنت في قلبهم بمقتل الحسين (عليه السلام)
والخلاصة: إنَّ هذه الصفات والمميّزات هي تدريب عملي وتمهيد حقيقي لخلق إنسان الظهور وما بعد الظهور، فالزيارة مدرسة أخلاقية كبيرة لشخصية الظهور المهدوي المبارك. خصوصاً وأنَّ هذا البناء ليس بناءً تنظيرياً فحسب، بل هو بناء عملي كبير يخلق روحاً سامية مؤهَّلة لمرحلة الظهور وما بعده. المحور الثامن: المحور العسكري: إنَّ المؤسَّسة العسكرية لا تُقاس بقوَّة تسليحها فقط، وإنَّما الأهمّ فيها هو وجود الموارد البشـرية فيها، خصوصاً الموارد البشرية الشابَّة والتي لها استعداد عالي للتضحية والفداء والإباء. وزيارة الأربعين لهي من أهمّ موارد بناء الشباب المهدوي العسكري المقاوم والمضحّي، ولعلَّ تجربة مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق وتجربة الحشد الشعبي في العراق من أكبر الشواهد على ذلك، فإنَّ من أهمّ ما بنى هذه الشخصيات الشابَّة والمضحّية التي تتحدّى الصعاب وتواجه أشرس الأعداء مع قلَّة العدَّة والعدد هو حضور شخصية الحسين (عليه السلام) بين ظهرانينا، والتي تبرز في مواسم منها موسم الزيارة، فتكون الشخصية الحسينية صانعة لشخصية مهدوية. فما سطره الأبطال في ساحات القتال من تضحيات لم يكن وليد اللحظة، بل هو صناعة حسينية بمستقبل مهدوي، لذا كانت شعاراتهم في المعركة هي شعارات الحسين والعبّاس والأكبر و...، وتحرّكاتهم وتطلّعاتهم تطلّعات مهدوية ثائرة تعدُّ لعصر الظهور. فالتضحية - بالنفس بالمال بالراحة - لأجل الغير ولأجل المبدأ ولأجل الدين ولأجل الإسلام ولأجل المقدَّسات ولأجل العزَّة إنَّما هي دروس تعلَّمناها من مدرسة الحسين ومن شعائر الحسين، ربطت بالموعود ومستقبل العالم الذي يقوده الإمام المهدي (عليه السلام). فهناك جيش عالمي قد تمَّ إعداده سابقاً، وخاض التجارب في عدَّة دول، ونجح نجاحات باهرة قد يكون هو نواة من جيش المهدي المنتظر (عليه السلام)، وزيارة الأربعين هي الرافد الأساسي لهذا الجيش القادم الذي يقوده صاحب الأمر (عليه السلام) نحو تحقيق العدل والقسط والسلام. المحور التاسع: المحور الإعلامي: من العادات الجارية لدى القوى السياسية أو غيرها استعراض جماهيرها من خلال مظاهرات أو تجمّعات أو احتفالات أو مناورات أو غيرها، وذلك لإيصال رسالة إلى الآخر بأنَّ لنا جماهير ونحن أقوياء من باب: ï´؟وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍï´¾ (الأنفال: ظ¦ظ*)، كلٌّ بحسب موقعه وعمله وقدرته. والمؤمنون بالقضيَّة المهدوية لا بدَّ لهم من ذلك أيضاً، وما يحصل من تجمّع مليوني ليس له نظير وبشكل عفوي وبتنظيم ذاتي وبتمويل شخصـي لهو أعظم صور الاستعراض الإعلامي للجمهور المؤمن، فالشعيرة الأربعينية ليست عبادة فردية فحسب، بل أصبحت ذات طابع يحوي عبادة جماعية كشعائر الحجِّ وصلاة الجمعة، وهذا يُعطي أهمّية كبرى وثراءً معنوياً وانفجاراً إعلامياً يوصل رسالة واضحة للجميع (بأنَّنا حسينيون، بأنَّنا ممهِّدون، بأنَّنا مؤمنون، بأنَّنا أقوياء، بأنَّنا منظَّمون، بأنَّنا متكافلون، بأنَّنا مصلحون، وهكذا). خصوصاً إذا عكسنا الصورة التي أراد لنا آل البيت (عليهم السلام) عكسها للإنسانية، وأنَّ الدين الإسلامي هو الخاتم، وأنَّ المهدي (عليه السلام) هو المخلِّص، وأنَّه لا نجاة إلَّا به. فيبرز لنا أُمور: ظ، - تحقيق منجز عددي وأنَّ جماهيرنا مليونية وبتزايد كلّ عام بحيث لا يسع المكان للجمهور. ظ¢ - تحقيق منجز نوعي بأنَّ جماهيرنا مؤمنة وقويَّة ومخلصة ومطيعة لله ورسوله وآله. ظ£ - تحقيق منجز دولي بأنَّ زيارتنا دولية وليست إقليمية أو قطرية، إذ يأتيها الناس من كلِّ فجٍّ عميق. ظ¤ - تحقيق منجز حضاري بأنَّنا منظَّمون ولا يتعدّى بعضنا على بعض طوال أيّام الزيارة. ظ¥ - تحقيق منجز تعارفي بين لغات مختلفة وثقافات متعدّدة وقوميات متنوّعة لتبادل الخبرات والهموم والمشكلات ومعالجة الأوضاع والشعور بالآخر. المحور العاشر: المحور التمريني والتدريبي: إنَّ الإنسان بطبعه يميل إلى الدعة والراحة وعدم الدخول بالصعاب، فإذا مرَّ بصعوبات قد يؤدّي به إلى الضعف أو الانهيار أو ترك المبادئ أو التخلّي عن بعضها، لذا يحتاج إلى دورة تدريبية لرفع ذلك. وموسم الزيارة مع طول المسافات وكثرة الصعوبات وشدَّة الابتلاءات - خصوصاً مع البرد القارص أو الحرّ الشديد أو الخوف من الظالم كما في عهد النظام المقبور بل وغيره - لهو مركز تدريبي عامّ وشامل لتحمّل أنواع الصعاب والمحن والثبات على المبدأ الذي رسمه آل البيت (عليهم السلام). فالزيارة تُمثِّل مركزاً لتدريب المؤمن للاستعداد والإعداد لعصـر الظهور، فيدخل ذلك في الإعداد للمهدي (عليه السلام) والنهوض معه في ثورته العالمية وتحمّل الصعاب، فلا يتفاجئ إذا ما بُلي بصعوبة أو شدَّة، بل يواجهها بعزم حسيني ومستقبل مهدوي. فهذه الصعوبات والزلازل والمحن التي يمرُّ بها المؤمن ما هي إلَّا تقويةً لصلبه وتمريناً له لمواجهة العدوِّ. فالزيارة الأربعينية ورشة عمل معمّقة لصناعة الشخصية المهدوية للظهور وما بعده.