الإمام السجاد في كتب السنة ...لماذا لقب الإمام السجاد بذي الثفنات ؟
صفة الصفوة المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي المحقق: أحمد بن علي الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر (1/ 357) ( كان علي بن الحسين رحمه الله يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعةٍ وتهيج الريح فيسقط مغشياً عليه).
مرآة الزمان في تواريخ الأعيان المؤلف: شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قِزْأُوغلي بن عبد الله المعروف بـ «سبط ابن الجوزي» تحقيق وتعليق: [بأول كل جزء تفصيل أسماء محققيه]محمد بركات، كامل محمد الخراط، عمار ريحاوي، محمد رضوان عرقسوسي، أنور طالب، فادي المغربي، رضوان مامو، محمد معتز كريم الدين، زاهر إسحاق، محمد أنس الخن، إبراهيم الزيبق الناشر: دار الرسالة العالمية، دمشق – سوريا الطبعة: الأولى (10/ 50) [وروى أبو نُعيم، عن صالح بن حسّان قال: ] قال رجلٌ لابن المسيّب: ما رأيتُ أحدًا أوْرَعَ من فلان، فقال ابن المسيّب: فهل رأيتَ علي بن الحسين؟ قال: لا، قال: ما رأيتُ أحدًا أوْرَعَ منه.[وروى ابن عائشة، عن أَبيه ، عن طاوس قال: ] رأيت علي بن الحسين ساجدًا فِي الحِجْر ويقول: عُبيدُك بفِنائك، مسكينُك بفِنائك، سائلُك بفِنائك، فقيرُك بفِنائك. قال طاوس: فوالله ما دعوتُ اللهَ بها فِي كَرْبٍ إلَّا وفَرَّجَ عني.وكان علي يصلي فِي كل يوم وليلة أَلْف ركعة، ولا يُمكن أحدًا أن يستقيَ له ماءً لوضوئه، ولا يُعينَه عليه.وكانت الرّيحُ إذا هبَّت عاصفةً يسقط من الخوف مَغشيًّا عليه .[وروى ابن أبي الدُّنيا، عن عبد الغفّار بن القاسم قال: ] خرج علي من المسجد، فلقيَه رجل فسَبَّه، فثار إليه العبيد والموالي، فنهاهم علي وقال للرجل: ما ستر الله عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجةٌ نُعينك عليها؟ فاستحيى الرَّجل، فألقى عليٌّ عليه خَميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم، فكان الرَّجل بعد ذلك إذا رآه يقول: أشهد أنك من أولاد المرسلين. [وروى ابن أبي الدنيا، عن رجل من أولاد عمار بن ياسر قال: ] كان عند علي بن الحسين قومٌ، فاستعجل خادمًا له بشِواء كان فِي التَّنُّور، فأقبل به الخادمُ مُسرعًا، فسقط السَّفُّود من يده على بُنَيٍّ صغيرٍ لعلي، فأصاب رأسه فقتله، فقال علي للغلام أو الخادم: أَنْتَ حُرٌّ؛ فإنك لم تَتَعَمَّدْه [وروى أبو نعيم، عن عمرو بن دينار قال: ] دخل علي بن الحسين على محمَّد بن أسامة بن زيد فِي مرضه يعوده، فجعل محمَّد يبكي، فقال له علي: ما الذي يُبكيك؟ قال: عليَّ دَين، فقال علي بن الحسين: كم هو؟ قال: خمسة عشر أَلْف دينار، فقال عليٌّ: هو عليَّ وقال أبو جعفر محمَّد بن عليّ: أوصاني أبي علي فقال: يَا بُنيّ، لا تصحَبَنَّ خمسةً ولا تُحادثهم ولا تُرافقهم فِي طريق، قلت: مَن هم؟ فقال: لا تصحبَنّ فاسقًا؛ فإنَّه يبيعُك بأَكْلَة فما دونها، ولا تصحبَنّ بَخيلًا؛ فإنَّه يقطع عنك ماله أحوجَ ما كنتَ إليه، ولا تصحبَنَّ كذّابًا؛ فإنَّه بمنْرلة السَّراب، يُبعد منك القريب، ويُقَرّب منك البعيد، ولا تصحبنَّ أحمق؛ فإنَّه يريد أن يَنفعك فيَضُرَّك، ولا تصحبَنّ قاطعَ رَحِمٍ؛ فإنِّي وجدتُه مَلعونًا فِي كتاب الله فِي ثلاثة مواضع.[وقال أبو نعيم بإسناده إِلَى ابن عائشة، عن أَبيه قال: ] حجَّ هشام بنُ عبد الملك قبل أن يَليَ الخلافة [فاجتهد أن يَستلم الحَجَر فلم يُمْكنه، وجاء علي بن الحسين فوقف له النَّاس، فتنَحَّوا حتَّى استلم وذكر الموفق طَرفًا من ذلك فقال: حجّ هشام] فأراد أن يستلم الحَجَر فلم يقدر عليه من الزّحام، فنُصب له مِنبَرٌ فجلس عليه، وطاف به أهلُ الشَّام، فبينا هو كذلك أقبل عليُّ بن الحسين -وكان أحسنَ النَّاس وَجْهًا، وأطيبَهم ريحًا- فطاف بالبيت، فكان إذا بلغ الحَجَر تنحَّى النَّاسُ عنه حتَّى يَستَلِمَه هيبةً له وإجلالًا، فغاظ ذلك هشامًا، وقال رجل من أهل الشَّام: مَن هذا الذي قد هابه النَّاس هذه الهَيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه -مخافةَ أن يرغَبَ فيه أهلُ الشَّام- فقال الفرزدق: ولكنّي أعرفُه، فقال الشَّاميّ: من هو يَا أَبا فراس؟ فاندفع الفرزدق يقول وأنشد : [من البسيط]
هذا ابنُ خيرِ عبادِ اللهِ كُلّهمُ … هذا التَّقيُّ النَّقيُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ
هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وَطْأَتَهُ … والبيتُ يَعرِفُه والحِلُّ والحَرَمُ
يكاد يُمسِكُه عِرفانَ راحَتِهِ … رُكْنُ الحَطيمِ إذا ما جاء يَستلمُ
إذا رأتْه قريشٌ قال قائلُها … إِلَى مكارمِ هذا ينتهي الكَرَمُ
إن عُدَّ أهلُ التُّقى كانوا أئمَّتَهم … أو قيل مَن خيرُ أهلِ الأرضِ قيل همُ
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كُنتَ جاهِلَهُ … بجدِّه أنبياءُ الله قد خُتِموا
وليس قولُك مَن هذا بضائِرِه … العُرْبُ تَعرفُ ما أنكرتَ والعَجَمُ
يُغضي حَياءً ويُغْضَى من مَهابتِهِ … فلا يُكلَّمُ إلاحين يَبْتَسِمُ
يَنمي إِلَى ذِرْوَةِ العِزِّ التي قَصُرَتْ … عن نَيلها أمَّةُالإِسلامِ والعَجَمُ
مَن جَدُّه دانَ فَضْلُ الأنبياءِ … له وفَضْلُ أُمَّتِه دانتْ لها الأُمَمُ
يَنشَقُّ نورُ الهُدى عن صُبْحِ غُرَّتِهِ … كالشَّمسِ تَنجابُ عن إشراقِها الظُّلَمُ
مُشْتَقَّةٌ من رسول الله نَبْعَتُهُ … طابَتْ عَناصِرُه والخِيمُ والشِّيَمُ
اللهُ شرَّفه قِدْمًا وفَضَّله … جَرى بذاك له فِي لَوْحِه القَلَمُ
كِلتا يدَيه غِياثٌ عَمَّ نَفْعُهُما … يَسْتَوكِفَانِ ولا يَعْرُوهما العَدَمُ
سَهْلُ الخَليقَةِ لا تُخْشى بَوادِرُه … يَزِينُه اثْنَتانِ الحِلْمُ والكَرَمُ
حَمَّالُ أثقالِ قَومٍ إذ هُمُ فُدِحُوا … رَحْبُ الفِناءِ أَريبٌ حين يَعْتَزِمُ
أيُّ البَرِيَّةِ ليستْ فِي رِقابهمُ … لأوَّليَّةِ هذا أو له نِعَمُ
عمَّ البَريَّةَ بالإحسانِ فانْقَشَعَتْ … عنه الغَيايَةُ لا هِرْقٌ ولا كَهَمُ
من مَعْشَرٍ حُبُّهم دينٌ وبُغْضُهُمُ … كُفْرٌ وقُرْبُهمُ مَنْجًى ومُعْتَصَمُ
لا يَستطيعُ جَوادٌ بُعْدَ غايَتهم … ولا يُدانِيهِمُ قَومٌ وإن كَرُموا
همُ الغُيوثُ إذا ما أَزْمَةٌ أَزِمَتْ … والأُسْدُ أُسْدُ الشَّرَى والبَأْسُ مُحْتَدِمُ
لا يَنْقُصُ العُسْرُ بَسْطًا من أكُفِّهمُ … سِيَّانَ ذلك إن أَثْرَوْا وإن عَدِموا
يُستَدفَعُ السُّوءُ والبَلوى بحُبِّهمُ … ويُسْتَرَبُّ به الإحسانُ والنِّعَمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذِكرِ اللهِ ذِكرُهُمُ … فِي كلِّ فَصْلٍ ومَخْتُومٌ به الكَلِمُ
يأبى لهم أن يَحُلَّ الذَّمُّ ساحَتَهم … خِيمٌ كريمٌ وأَيدٍ بالنَّدى هُضُمُ
فِي كفِّه خَيزُرانٌ ريحُه عَبِقٌ … من كفِّ أرْوَعَ فِي عِرْنينِه شَمَمُ
لا يُخلِفُ الوَعْدَ مَيمونٌ نَقِيبَتُه … حُلْوُ الشَّمائلِ تَحْلُو عنده نَعَمُ
فلما سمع ذلك هشام غضب، وانقلبَتْ حَولتُه، وأمر بحبس الفرزدق، فحُبِس بمنزلٍ يقال له: عُسْفَان بين مكة والمدينة، فهجا الفرزدقُ هشامًا فقال: [من الطَّويل]
أيَحبِسُني بين المدينةِ والتي … إليها قلوبُ الناسِ يَهوي مُنيبُها
يُقلِّبُ رأسًا لم يكن رأسَ سَيِّدٍ … وعَينًا له حَولاءَ بادٍ عُيوبُها
وبعث إليه زين العابدين بألف دينار وقال: اعذرني يَا أَبا فراس، فلو كان عندي أكثر منها لوصلتُك، فردّها وقال: والله ما قلتُ ما قلتُ لهذا؛ بل غضبًا لله ولرسوله، فلا آخذُ عليه أجرًا، فقال علي: نحن أهل بيت لا يعودُ إلينا ما خرج منا، فبحقِّي عليك إلَّا قبلتَها؛ فقد رأى الله مَقامَك. وعرف رسوله، فقبلها.[ويقال: إن زين العابدين شفع إِلَى هشام فأطلقه.
وحكى ابن حَمدون فِي "التَّذكرة" عن] الزهري قال: حمل عبد الملك بن مروان عليّ بنَ الحسين من المدينة إِلَى الشَّام مُقَيَّدًا مُكَبَّلًا، قال الزهري: فدخلتُ عليه لأُودِّعَه والغُلُّ فِي يديه، والقُيودُ فِي رجلَيه، فبكيتُ -وكان فِي قُبَّة- وقلتُ له: وَدِدتُ والله أني مكانَك وأنت سالم، فقال: لو شئتُ لما كان هذا، ثم تحرَّك فوقع الغلُّ من يديه، والقَيد من رجليه، ثم قال: وإنه ليُذَكّرني هذا عذابَ الله، والله لا سِرتُ معهم ليلتين على هذا، فلما كان بعد أربعة أيام وإذا بالموكَّلِين قد عادوا، فسُئلوا عن عَودهم فقالوا: رَصَدْناه ليلةً إِلَى الفجر ثم فقدناه، فلا ندري ما أصابه.قال الزُّهري: فدخلتُ بعد ذلك على عبد الملك، فسألني عنه فحدَّثتُه الحديث، فقال: والله لقد جاءني يوم فَقَدَه الأعوان، فدخل عليّ فقال: ما أنا وأنت؟ ! قلت: أقِم عندي، قال: ما أُحبُّ ذلك، ثم خرج عني وقد مُلئتُ منه خِيفَةً .قال الزهريّ: دخلتُ ليلةً مسجدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتَ السَّحَر، وإذا بشخصٍ ساجدٍ فِي جانب الرَّوضة، وهو يقول فِي سجوده: إلهنا وسيّدنا ومولانا، لو بَكينا حتَّى تَسقُطَ أشفارُنا، وانتَحَبْنا حتَّى تنقطعَ أصواتُنا، وقُمنا حتَّى تَيبَسَ أقدامُنا، وركعنا حتَّى تَنخَلِعَ أوصالُنا، وسجدنا حتَّى تَتَفَقَّأ أحداقُنا، وأكلنا تُرابَ الأرض طُولَ أعمارِنا، وذكرناك حتَّى تَجِفَّ ألسنتُنا؛ ما استوجبنا بذلك مَحْوَ سيِّئةٍ من سيّئاتنا، قال: فبكيتُ لتَضَرُّعِه وحُسنِ عبارته، فلم يزل كذلك إِلَى وقت الأذان، فلما أذَّن المؤذن رفع رأسه، وإذا به زين العابدين ).).
الإعلام بفوائد عمدة الأحكام المؤلف: ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري المحقق: عبد العزيز بن أحمد بن محمد المشيقح الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى (2/ 98)( وقال أبو نوح الأنصاري: وقع حريق في بيته وهو [ساجد] فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله، النار، فما رفع رأسه حتى [طفئت]، فقيل له: ما الذي ألهاك عنها؟ قال: النار الأخرى ، وكان إذا قام للصلاة أخذته رعدة فقيل له في ذلك فقال: ما تدرون بين يدي من أن أقوم وأناجي؟ [وقيل]: كان إذا توضأ اصفرّ [ويقول]: تدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟ ولما حج وأحرم اصفرّ وانتفض وارتعد ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: مالك لا تلبي؟ فقال: أخشى أن أقول لبيك، فيقول (لي): لا لبيك، فقيل: لا بد من هذا، فلما لبى غشي عليه وسقط من راحلته، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه. وقال مصعب الزبيري [عن مالك]: إنه لما سقط هشم . وبلغني أنه كان يصلي في [كل]يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات وقال طاووس: رأيته ساجدًا في الحجر فأصغيت إليه فسمعته يقول: عُبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك. قال: فوالله ما دعوت بها في كرب إلَّا كشف عني. وعن أبي جعفر: أن أباه قاسم الله ماله مرتين. وكان يحمل الخبز آناء الليل على ظهره يتتبع به المساكين في ظلمة الليل، ويقول: إن الصدقة في [ظلم] الليل تطفئ غضب الله ، فأثر ذلك في ظهره، وكأنه يبخل فلما مات وجدوه يعول مائة أهل بيت بالمدينة في السر. ومناقبه كثيرة وقد أوضحتها فيما أفردته في رجال هذا الكتاب فراجعها منه ).
كوثَر المَعَاني الدَّرَارِي في كَشْفِ خَبَايا صَحِيحْ البُخَاري المؤلف: محمَّد الخَضِر بن سيد عبد الله بن أحمد الجكني الشنقيطي الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت الطبعة: الأولى، (5/ 372) ( وقال مالك: لقد أحرم علي بن الحسين، فلما أراد أن يقول: لبيك، قالها، فأُغمي عليه حتى سقط من ناقته، فهُشم، ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات، وكان يسمّى زين العابدين لعبادته ).
يتبع :
بحث : أسد الله الغالب