بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
المعروف في التاريخ أنَّ النبيَّ الأكرم (ص) أخبر فاطمة (ع) قُبيل وفاتِه بأنَّها أوَّل اللاحقين به من أهل بيتِه (ص)، ولكنَّها بعد وفاته (ص) أسقطت مُحسناً ممَّا يجعله أوَّل أهل بيتِه لحوقاً به، فكيف يُمكن التوفيق بين الخبرين؟
الجواب:
أمَّا ما أشرتم اليه مِن أنَّ النبيَّ الكريم (ص) أسرَّ الى فاطمة (ع) أنَّها أوَّل مَن يلحقُ بِه مِن أهل بيته فهو مرويٌّ مِن طرقنا وطرق العامة بأسانيدَ معتبرة فهو خبر ثابتٌ لا ريب فيه.
وأمَّا ما ورد مِن أنَّ السيِّدة فاطمة (ع) أسقطت جنينَها بعد وفاة الرسول (ص) نتيجةَ حدثٍ مؤلمٍ وقع بُعيد وفاة النبيِّ (ص) فهو لا يُنافي أنَّ السيِّدة كانت أوَّلَ أهل بيت النبيِّ (ص) لحوقاً به، إذ أنَّ المُنصرَف ممَّا أفاده النبيُّ (ص) هو أهل بيته الذين كانوا على قيد الحياة حين قولِه، والمُحسن لم يكن حينذاك في عالم الدنيا وإنَّما كان في عالم الأجنَّة.
على أنَّه لو لم تثبت دعوى الانصراف فإنَّ وقوع الإسقاط بعد وفاة الرسول (ص) وقبل استشهاد السيِّدة (ع) يكون قرينةً على أنَّ الرسول (ص) لم يكن يقصد مِن قوله: "إنَّكِ أوَّل أهل بيتي لحوقًا بي"(1) لم يكن يقصد مِن ذلك غير الأحياء مِن أهل بيته (ع).
فإنَّ النبيَّ (ص) يعلمُ حين إخباره أنَّ جنينًا كان في بطن فاطمة (ع) وأنَّه سيتمُّ إسقاطه عدواناً وقد سمَّاه مُحسنًا ورغم ذلك أفاد أنَّها أوَّل أهلِ بيته لحوقًا به وذلك يُعبِّر عن أنَّ مقصوده مِن أهل بيته هم مَن كان موجودًا في حياتِه الشريفة.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- الأمالي -الشيخ الصدوق- ص 692.