بسم الله الرحمن الرحيم
مولود عاشر الحجج:
تمر علينا هذه الأيام الذكرى السنوية لولادة عاشر الحجج والأئمة وهو الإمام الناصح المتوكل التقى الخالص العسكري انه الإمام علي بن محمد الهادي عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام.
الولادة المباركة:
تلقفت أنامل الإمام الجواد ولده علي وسط البهجة والأسارير وابتسامات العلويات الماجدات ثم ضمه الإمام إلى صدره وقبله فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى بعدها عين له اسمه المتعين له من السماء (علي) وكناه بـ (أبي الحسن) تيمنا بجده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أبا الحسن ومن أجل التمييز بينه وبين أبا الحسن الرضا وأبا حسن أمير المؤمنين أضيف إلى كنيته (الثالث) فهو علي الهادي أبو الحسن الثالث.
هيبته:
يقول محمد بن الحسن الأشتر العلوي:
كنت مع أبي على باب المتوكل العباسي في جمع من الناس وبينما نحن كذلك إذ جاء أبو الحسن الهادي عليه السلام فوقف له الناس كلهم إجلالاً وإكباراً حتى دخل القصر فقال بعض الناس ممن يبغض الإمام ويحسده: لم نترجل لهذا الغلام ما هو بأشرافنا ولا بأكبرنا سنا والله لا نترحل له إذا خرج فقال له أبو هاشم وهو من أصحاب الإمام الهادي: والله لتترجلن له صغارا وذله.
وعندما خرج الإمام علت الأصوات بالتكبير والتهليل وقام الناس كلهم تعظيما للإمام.
فقال أبو هاشم للقوم: أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له؟
فقالوا: والله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجلنا.
كرمه:
وفد إلى الإمام الهادي جماعة من كبار الشيعة فقدم عليه أحمد بن إسحاق وشكا إليه دينا ثم تقدم إليه علي بن جعفر وشكا إليه هو الأخر دينا ثقيلا فالتفت الإمام إلى وكيله وقال: (أعط أحمد ثلاثين ألف دينار وإلى علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار) وكان هذا المبلغ لكل واحد منهما يكفيه لقضاء ديونه كلها وأن يعيش حياته كلها بالنعيم و الرفاه.
تواضعه:
يقول علي بن حمزة: رأيت أبا الحسن الثالث يعمل في أرض وقد استنفعت قدماه من العرق فقلت له: جعلت فداك أين الرجال؟
فقال الإمام: (يا علي قد عمل بالمسحاة من هو خير مني ومن أبي في أرضه)
فقلت متعجباً: ومن هو؟
فقال الإمام: (رسول الله صلى الله عليه واله وأمير المؤمنين كلهم عملوا بأيديهم وهو من عمل النبيين والمرسلين و الأوصياء والصالحين).
عساكر الإمام الهادي عليه السلام:
كان الواثق العباسي يخشى من أبي الحسن عليه السلام كثيرا لاعتقاده أنه هو الذي يأمر بثورات العلويين وكان يخشى أن يثور عليه يوما من الأيام فأمر جلاوزته فعملوا تلاًَ عظيما من التراب واستدعى جميع جيشه في استعراض مهيب ثم دعا الإمام الهادي ليرى ذلك حتى يدخل الخوف في قلب الإمام فقال له الإمام: (هل تريد أن أعرض عليك عسكري).
فقال الواثق: نعم.
فدعا الله سبحانه فأذا بين السماء والأرض ملائكة مدججون بالسلاح فغشي على الواثق ثم تركه الإمام ومضى إلى سبيله.
مميزات عصر الإمام الهادي عليه السلام:
1ـ تعدد الجنسيات.
2ـ توسع رقعة ونفوذ الأتراك.
3ـ انغماس ملوك بني العباس باللهو والغناء وبناء القصور.
4ـ استمرار التوراة.
5ـ ظهور وشيوع الأفكار الهدامة.
6ـ الفسق.
7ـ كبت المؤمنين.
8ـ التنافس على السلطة بني العباسيين.
أهم إعمال الإمام:
1ـ محاربة ألأفكار المنحرفة.
2ـ توضيح مقام أئمة أهل البيت.
3ـ احتواء الشيعة.
من نور الإمام الهادي عليه السلام:
1ـ قال عليه السلام: «من رضى عن نفسه كثر الساخطون عليه».
2ـ قال عليه السلام: «المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان».
3ـ قال عليه السلام: «الهزل فكاهة السفهاء وصناعة الجهال».
4ـ قال عليه السلام: «السهر ألذّ للمنام والجوع يزيد في طيب الطعام».
5ـ قال عليه السلام: «اذكر مصرعك بين يدي أهلك فلا طبيب ولا حبيب ينفعك».
6ـ قال عليه السلام: «المقادير تريك مالا يخطر ببالك».
7ـ قال عليه السلام: «الحكمة لا تنجع في الطباع الفاسدة».
من معاجزه عليه السلام:
روي في أمالي ابن الشيخ عن المنصوري وكافور الخادم، قال: كان في الموضع المجاور للإمام عليه السلام من أهل الصنايع صنوف من الناس، وكان الموضع كالقرية وكان يونس النقاش يغشى سيدنا الامام عليه السلام بخدمه.
فجاء يوماً يرعد، فقال: ياسيدي أوصيك بأهلي خيراً، قال: وما الخبر؟ قال: عزمت على الرحيل، قال: ولم يا يونس؟ وهو عليه السلام متبسم، قال: موسى بن بغا وجه إليَّ بفصّ ليس له قيمة أقبلت أن انقشه فكسرته باثنين وموعده غداً، وهو موسى بن بغا اما الف سوط أو القتل.
قال: امض إلى منزلك إلى غد فما يكون الاخيراً، فلما من الغد وافى بكرة يرعد، فقال: قد جاء الرسول يلتمس الفص، قال: امض إليه فما ترى الاخيراً، قال: وما أقول له ياسيدي؟ قال: فتبسم وقال: امض إليه واسمع ما يخبرك به فلن يكون إلا خيراً.
قال: فمضى وعاد يضحك، قال: قال لي سيدي: الجواري اختصمن فيمكنك ان تجعله فصين حتى نغنّيك؟ فقال الامام الهادي عليه السلام: اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن يحمدك حقاً، فأيش قلت له؟ قال: قلت له: أمهلني حتى أتأمل أمره كيف أعلمه، فقال: أصبت.
الثانية: روى الشيخ الصدوق في الأمالي عن أبي هاشم الجعفري انه قال: أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام فأذن لي فلما جلست، قال: يا أبا هاشم أي نعم الله عزوجل عليك تريد ان تؤدي شكرها؟ قال أبو هاشم: فوجمت فلم أدرما أقول له.
فابتدأ عليه السلام، فقال: رزقك الايمان فحرم بدنك على النار، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة، ورزقك القنوع فصانك عن التبذل، يا أباهاشم إنما ابتدأتك بهذا لأني ظننت انك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا، وقد أمرت لك بمائة دينار فخذها.
الثالثة: روى ابن شهر آشوب والقطب الراوندي عن أبي هاشم الجعفري انه قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام، فكلمني بالهندية فلم أحسن أن أرد عليه، وكان بين يديه ركوة ملائى حصى، فتناول حصاة واحدة ووضعها في فيه ومصها ملياً، ثم رمى الي فوضعتها في فمي، فو الله ما برحت حتى تكلمت بثلاث وسبعين لساناً اولها الهندية.
الرابعة: روى الشيخ المفيد وغيره عن خيران الأسباطي انه قال: قدمت على أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام المدينة، فقال لي: ما خبر الواثق عندك؟ قلت: جعلت فداك خلفته في عافية أنا من أقرب الناس عهداً به، عهدي به منذ عشرة ايام.
قال: فقال لي: ان أهل المدينة يقولون انه قد مات، فقلت: أنا أقرب الناس عهداً، قال: فقال لي: ان الناس يقولون انه مات، فلما قال لي ان الناس يقولون، علمت انه يعني نفسه.
ثم قال لي: ما فعل جعفر؟ قلت: تركته أسوء الناس حالاً في السجن، قال: فقال لي: أما انه صاحب الأمر: ثم قال: ما فعل ابن الزيات؟ قلت: الناس معه والأمر أمره، فقال: أما انه شؤم عليه، قال: ثم انه سكت، وقال لي: لا بد أن تجري مقادير الله واحكامه ياخيران، مات الواثق وقد قعد جعفر المتوكل وقد قتل ابن الزيات، قلت: متى جعلت فداك؟ فقال: بعد خروجك بستة أيام.
موقع الشيرازي نت